قراءة في مفاهيم الوطنية والقومية بين الاسلام ونظريات العلمانيات الأعرابية الحديثة../ فتحي عوض...
_ أعراب الشقاق والنفاق..حسب التوصيف القرآني المجيد ( الأعراب اشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما انزل الله على رسوله..) ..عكس مفهوم ( العرب ) دون ريب..وإن سعوا جاهدين عبثا الى تسمية وتوصيف أنفسهم عربا..
_ ذلك وان هؤلاء الأعراب المبتدعين للعلمانيات الغربية الأصل والمنشأ وإقحامها في أمة الاسلام ..أمة ( لا اله الا الله محمد رسول الله ..) بعد الأتاتوركيين العرقيين الإنعزاليين في الأمة.. بديلا عن
عقيدتها الربانية الجليلة..وهدي رسولها الأعظم صلى الله عليه وسلم..وسير الخلفاء الهاديين المهديين وأعلام الأمة..في الكون والحياة والإنسان..لا يمكن وصفهم أو تسميتهم عربا..وهم ( العرب ) المسند اليهم حمل لواء رسالة الرسول العربي الأمين ..المنوط بهم صونها وحفظها وإعلاء شأنها في العالمين...على نحو ما رأينا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وخالد والمثنى وأبي عبيدة وصلاح الدين...
_ على النقيض من ذلك..فإن هؤلاء الأعراب لم يتخلوا فحسب عن رسالة وعقيدة
أمتهم المتمثلة بالأسلام..حكما وتقدما ..عدلا ومساواة..تكافلا وكفاية ..جهادا وتحررا وتحريرا..انسانا وديارا سواء..شأنهم في ذلك شأن الأتاتوركيين والصفويين المتنكرين لتوحد وأخوة هذه الأمة
_ بل عمدوا.. وعن سابق عمد وترصد وإصرار..على العمل الحثيث الدؤوب حتى الى تشويه وتقزيم مفاهيم ومصطلحات الامة الواحدة عربا ومسلمين..على الأخص فيما يتعلق بمفاهيم الوطن ..الوطنية ..أو قوم..و ( قومية ) ابتداعا عرقيا ..صنميا وثنيا في اغلب الأشكال والصور..حتى فيتم تقزيم ( الوطن ) الى الإقليم
ثمة فالإقليم الى اعراق ومذاهب وطوائف وانعزالية بغيضة أثيمة ..
_ ويتم اختزال مفهوم الأمة الاسلامية ..عربا ومسلمين سواء الى مفهوم ( القومية ) ..مجردة عن العقيدة ..اسلاما وإنسانا..ثمة فديارا ..
اي قطرية واقليما..واقعا ماثلا..على نحو ما رأينا في حياة هذه الأمة على ايديهم السوداء الهجينة..
_ في الوقت الذي كان الوطن في المفهوم الاسلامي يعني دار الإسلام ودياره
سواء..لا فرق فيه بين بقعة وأخرى..أو بلد أو قطر أو إقليم وآخر..والوطنية
عقيدة وإيمانا وشعبا ومجتمعا وقيادة وأرضا وعرضا وإنسانا وقيما وخلقا وشرفا
وأمنا وسلما وسلاما ..عملا جادا وصادقا مخلصا في الله ورسوله والمؤمنين..صونا
لديار الأمة ..دفاعا عنها وذودا عن حماها وردا لكل عدوان عليها ..واستماتة واستشهادا في سبيلها..
ثمة فإشهار قيم الأسلام واخلاقياته الرفيعة..الدعوة بالمعروف والنهي عن المنكر ..ومحاربة الفساد والرذيلة والإنحطاط الإجتماعي..والانحدار والإنحطاط الأخلاقي..عمارة الأرض والإصلاح الإجتماعي والسياسي والاقتصادي..والإخاء الإسلامي والإنساني سواء.. و..و...العمل اليومي الحثيث الدؤوب .. وحتى ( إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها...) و..و..حتى ( وتبسمك في وجه أخيك صدقة ..) و ( إماطة الأذى عن الطريق صدقة...)..
_ القيام بالحقوق وأداء الواجبات وليست هتافات وشعارات واحتفالات ومهرجانات وخطابات ورفع للأعلام واليافطات..في خضم ظواهر صوتية وجعجعات سياسية زرية في الوقت الذي تنتهك خلاله كل حقوق البلاد والعباد..
_ والقوم..و ( القومية ) ليس نظرية ولا شعارا ولا مباديء علمانية وضعية..وثنية وصنمية يدعى اليها بديلا عن الاسلام وناقضا لكل مفاهيمه في الامة والكون والحياة والإنسان..على نحو ما ابتدعه في هذه الامة اعراب اليساريات والالحاديات والحزبيات الشركية ذات الاتجاهات الشرقية والغربية بعد الصفويين والأتاتوركيين والتي رزحت الامة تحت نير حكمها القهري الاستبدادي الغاشم منذ اكثر من قرن من الزمن في لبوس الشعارات الوطنية والقومية ولكن العمل الجماعي ..اي اجتماع الامة على الخير ورعاية مصالح وشؤون الامة.. الاخوة العربية..بمعنى التوحد العربي..الهوية الواحدة
ازالة الحدود والسدود...بمعنى المواطن والانسان ..الجغرافيا
والتاريخ المشترك..بمعنى الامال والاحلام المشتركة..بمعنى المصير الواحد..الارض الواحدة..السوق الواحدة
الدفاع عن الامة..قضايا العرب المركزية .. حماية البلاد وانقاذ الديار والعباد..التحرير..السند والدعم والنصرة..بعث ذاتية واستنهاض الامة..النمو والازدهار..نفض غبار التخلف والجمود ..التقدم الحضاري والانفتاح والامتداد الانساني.. حرية المواطن..كرامته وقداسته ..تمزيق الاكفان وارتداء ثياب الحياة ..فهذه اهداف
عقائدية اسلامية عربية..سواء ..بمفهوم واحد ومعنى واحد وتصور واحد...يباركها الاسلام ويحفزها ويرعاها
ويحث عليها..بل يؤثم ويجرم ويفسق من لا يسعون لتحقيقها...اولا حاكما..ثم فمحكوما سواء..
_أما فان كان المقصود بالفكر القومي مجرد ستار لوثنيات وصنميات وشعارات شاهد زور ..كاذبة وزائفة
..مجرد دم وعرق ..فصل الدين عن الدولة..بعث شعارات مخالفة لعقيدة الامة
وناقضة لها..ضرب الاخوة الاسلامية..موالاة اعداء الامة على المسلمين ..ذيلية سياسية تابعة غربا او شرقا..
الصراعات الفكرية الايديولوجية والدموية..تفتيت الامة..وبعث نزعات الانفصال والاقليات...
عدم الاخذ بالمفهوم الاسلامي في الحياة والانسان..طاقة وكرامة وتقديمه على كل ما عداه..
وافظع وابشع القهر..التسلط ..الاستبداد..النهب والسلب..سفك الدم ..وسفح النجيع..على نحو ما راينا من ( حكم ) يقال ( قومي ) مذ نحو القرن من الزمان..الى عهد قريب جدا..وذلك قبل النكوص المطلق الي الاقليميات..والقطريات والمذهبيات
والعرقيات والطائفيات..بدع واختراعات أعراب الشقاق والنفاق ( الاشد حداثة الان )..وذلك خيانة للأمة والعقيدة والشعب والوطن والله ورسوله والمؤمنين سواء..
_ وعلى ألا يتم التفريق بين عربي ومسلم قط..انسانا أو ديارا ..بحيث تعود التعابير نقية خالصة والمصطلحات اسلامية نظيفة وشريفة طاهرة وفق مقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( أبوبكر سيدنا...) و ( أعتق سيدنا ..) أي بلالا
( الحبشي ) رضي الله عنه وأرضاه...
_ وهكذا يمكن التعامل مع مصطلحات او شعارات على نحو المعاني الحقيقية لوطن او وطنية وقوم وقومية في الاسلام..وليس مصطلحات وشعارات على نحو
نظريات ومباديء ( وطنية ) اي اقليمية أو قطرية و ( قومية ) اي عرقية..دون الاسلام..او في احسن الأحوال بحيث تحتل العقيدة الاسلامية لدى اعراب الشقاق والنفاق في ( القومية ) العربية العلمانية الحديثة المرتبة الخامسة أو السادسة
أو أقصى من ذلك كعامل جامع وموحد للأمة..بعد العرق والدم والجغرافيا والتاريخ واللغة و..و...الى أن يتم أخيرا تهميش دور الاسلام في حياة الامة..بل
محاصرته وعزله وابعاده عن كل تأثير فعال في صناعة حاضر الأمة ومستقبلها
والعمل من أجل قضاياها المركزية في الحياة ..انسانا وديارا..تحررا وتحريرا..
تقدما وازدهارا...موردا وثروة..كفاية وعدالة ومساواة..
_ لكن فيتم عزل هذه القضايا المركزية والرئيسة وتحجيمها بعد تزويرها وتشويهها على ايدي اعراب الشقاق والنفاق ..بل وتهميشها وحتى اقصائها ..من واقع حياة الامة ..حاضرها ومستقبلها..لجعل
قضايا الشعوب العربية والامة الاسلامية.. تغدو ( قضايا ) على نحو النقاب والحجاب..
في الشوارع والمدارس والجامعات..شغلا شاغلا لهم..دون قضايا الامة الحقيقية المركزية والرئيسية الآنفة الذكر أعلاه ..( ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة اليس في جهنم مثوى للمتكبرين..)
_ الوطنية لدى كل أنواع الخلق نزوع غرائزي وإنساني..فحتى الطيور تحن الى أعشاشها والانسان الى موطنه وحتى النمل والنحل تحن الى أوكارها..لكن آثام اعراب الشقاق والنفاق الذين حكموا هذه الامة في لبوس وطنية تشاء ان تنتهز هذه المشاعر الطبيعية ..تحرفها عن غاياتها وتخرجها عن اهدافها في الدعوات الأثيمة الى الأقليمية والقطرية والإنعزالية ..والقومية الى مجرد نعرات عرقية
في لبوس الجغرافيا والتاريخ والدم واللغة والمصير المشترك..في تنكر وإقصاء تام للأخوة الاسلامية ورابطتها القرآنية الجامعة..
_ في الوقت الذي لا تعلو فيه رابطة بين أبناء الامة فوق رابطة الأخوة الاسلامية في الله ورسوله والمؤمنين..كما لا يمكن لأي رابطة أخرى الحلول مكانها أو احتلال دورها في نزوعها الإنساني العارم الى احترام المواطنة الحقيقية بين ابناء الامة جميعا..احتراما واعترافا انسانيا رفيعا وربانيا عالي الشأن سامي الغايات والأهداف دنيا ودينا..يقوم على العدل والمساواه..واحترام حقوق الإنسان لدى المواطنين جميعا من شتى المنابت والأصول والأعراق..والمذاهب والأديان..( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا..إن أكرمكم عند الله أتقاكم..) اي أعملكم وأرفعكم ايمانا بالله عز وجل وقيمه الرفيعة السامية في الكون والحياة والإنسان..
_ بيد أن المفاهيم والتصورات الإسلامية الشديدة الحزم والعزم في حماية اتباعها
ومعتنقيها..لا يسعها التفريط بمفاهيم عقيدة الولاء والبراء في الإسلام..وهي المفاهيم التي تقوم على تعزيز وتحصين أبناء الأمة وتوحدهم ضد اعدائهم..وحماية دماهم وأرضهم وأعراضهم وأموالهم..في تحريم وتجريم صريحين لموالاة الأعداء عليهم ..( يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ..) ..( ومن يتولهم منكم فإنه منهم )..وفي ذلك حماية الامة انسانا وديارا والحفاظ على اللحمة القائمة بين أبناء الامة الواحدة والإخاء بينهم..ارضا وشعبا وإنسانا..
_ لكن وعلى نقيض ذلك..فقد رأينا اعراب الشقاق والنفاق الحاكمين والمتنفذين في هذه الأمة إذ هان عليهم التفريط بعقيدتهم وانتمائهم وولائهم للإسلام..فقد سهل عليهم التفريط بديار امتهم..ثمة بإنسانها..ثمة بمواردها وثرواتها..ثمة فنهبها وسلبها..ثمة فاتخاذها مزارع خاصة بهم وأبنائهم ومأجوريهم ومرتزقتهم
وحكمها حكما جبريا قهريا..ديكتاتورية واستبدادا..ودموية بالحديد والنار..
_ اسلاميا فإننا امام احترام كل عمل وطني وقومي وإنساني لغير المسلمين..نحترمه ونثمنه ونقدره عاليا..ذلك وأننا لا نشترط في مثل هذا العمل
أو نفترض فيه الاسلامية ..عقيدة أو سلوكا..فيما ينبغي..بل الخليق بكل مسلم الخجل من وجه الله عز وجل في رفع راية أو لواء أو اتخاذ أي مبدأ أو نظرية او شعار أو اصطلاح مختلف عن الإسلام أو متخالف معه..فكيف أن يكون ذلك نظرية أو مبدأ علمانيا حكمه الشرعي عند معظم فقهاء وعلماء الأمة الخروج من ملة الإسلام..
- ¬إن الرسول الأعظم صلى الله ليه وسلم يعلمنا كم يقع حب مكة في روحه ونفسه الشريفة (ما أطيبك من بلدة وأحبك إلي ولولا أن قومك أخرجوني ما سكنت غيرك..) وعلى جلال مكة وقدسيتها الرفيعة فإنه صلى الله عليه وسلم يسال الله عز وجل
أن يرزقه حب المدينة المنورة إذ ينتقل اليها وتغدو دار الإسلام ( اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد..)
_ ذلك وأن ديار الاسلام سواء..عزيزة وغالية سواء..لا فرق بينها ..سواء..
والمسلم النقي التقي يحمل لها في نفسه وروحه الإنتماء والولاء..بلا عصبيات عرقية واقليمية وقطرية وطائفية وعنصرية ما أنزل الله بها من سلطان..
_ وهكذا وكما يقع التوحد بين ارواح أبناء الأمة الواحدة في المفهوم الاسلامي..عربا ومسلمين..ومن شتى المنابت والأصول والأعراق..فإن هذا التوحد يقوم بين ديارهم أيضا..دونما فرق أو تمييز..حتى وإن كانت بعض المدائن أو البقاع آهلة بغير المسلمين أيضا..يقطنها مسلمون أو غيرهم من اتباع الديانات الأخرى فلا استثناء...
_ وليرتكب أتاتوركيو هذه الامة.. أعاجم واعرابا.. ما ارتكبوا من مجازرهم البشعة بحق ديار هذه الامة وإنسانها وأخوتها وتوحدها ومفاهيمها الرفيعة في الكون والحياة والإنسان..ولتمارس علمانيتهم الغاشمة ما شاءت من العنصريات..وطنيا وقوميا وعرقيا وفي لبوس المباديء والشعارات..فلتظل مفاهيم الاسلام في هذه الامة هي الأنقى والأعلى وطنيا وقوميا وإنسانيا..وسماحة الاسلام..وحبه ولطفه ووده في التعامل مع الناس والأجناس في الأمة الواحدة ..وفي الامم والشعوب من شتى المنابت والأصول والأعراق هي الأنبل والأكرم والأعظم والأتقى...
( إن هذه امتكم امة واحدة وأنا ريكم فاعبدون..)
( وإن هذه امتكم امة واحدة وأنا ربكم فاتقون..)
( كلكم لآدم وآدم من تراب...)
(لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى ..)
. ( لا فرق بين أبيض وأسود إلا بالتقوى ..)
( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا
إن أكرمكم عند الله أتقاكم...)